صندوق بريد : 547 صفاقس 3081 صفاقس الجمهورية التونسية
216 55260953
216 55260953
ecole.caricature@gmail.com
998 687 74 216 - 085 572 53 216
contact@ecole-caricature.com
نظّمت جمعية دونكيشوت التركية الالمانية هذه السّنة الدّورة الحادية عشرة لمسابقة "دون كيشوت" الدّوليّة للكاريكاتور. واتّخذت الدّورة موضوع "زواج القاصرات" منطلقا يضيء إبداعات الفنّانين. وقد شاركت في فعالياتها 62 دولة، ممثّلة في 419 فنّانا كاريكاتوريّا ساهموا بـ832 لوحة متنافسة. بقي منها بعد الفرز الأوّليّ 100 لوحة. ثمّ اختارت لجنة التّحكيم من بينها اللّوحات الفائزة بالمراتب الأولى.
وتكوّنت لجنة التّحكيم من الفنّانات: أدريانا موسكيرا من إسبانيا، فرزانه تابار من إيران، إلينا أوسبينا من كولمبيا، ماريلينا ناردي من إطاليا، مارتا بارّاقان من المكسيك، ناتاليا فوركات من البرازيل، نيكوليتا إيونيسكو من رومانيا، سعادت ديمير يالشين من تركيا، شيفا زمانفار من إيران.
وكان موضوع المسابقة مجالا مكّن الفنّانين من إبداع لوحات على غاية من الأهمّيّة، عالجوا من خلالها قضيّة من القضايا الإنسانيّة الحارقة الّتي لا يخلو منها مجتمع مهما اختلفت الثّقافات. وإن كان الموضوع قد صيغ بعبارات حييّة ملطّفة بإدراجه ضمن مؤسّسة الزّواج، فإنّه في جوهره آية من آيات الإجرام البشريّ؛ يمثّل عنوانا لكلّ أنواع الفساد. إذ ما هو في الحقيقة إلاّ غطاء لسيل من الفواحش الّتي تعجّ بها المجتمعات البشريّة من غابر الزّمن، ولم تزل. فوراء لافتة زواج القصّر الّتي تضفي بعباراتها الكاذبة المخاتلة نوعا من الشّرعيّة المغشوشة، تنفتح أبواب الفواجع الّتي تحاول المجتمعات التّغطية عليها. ففي المسألة فساد يتمظهر بكيفيات مختلفة حسب تنوّع المجتمعات والثّقافات، فيكون فسادا دينيّا أو سياسيّا أو اقتصاديّا أو عرفيّا من فعل التّقاليد؛ هذا إن غضضنا الطّرف عن الجريمة المنظّمة أو الجريمة ذات الأسباب النّفسيّة... واللاّفت للانتباه أنّ اللّوحات المتنافسة على جوائز المسابقة قد أصابت كلّها دون استثناء صلب الموضوع. وتمكّن فنّانو الكاريكاتور من فضح خفايا القضيّة، وكشف المستور الّذي تحاول المجتمعات البشريّة على اختلافها طمسه أو تشريعه في خطابها الرّسميّ. ولئن كانت بعض اللّوحات فاضحة في تشكيلها الفنّيّ، صريحة غير مواربة في بناء خطابها المشهديّ، ممّا قد يصدم بعض العقول التّافهة في هذا الكون الّتي ترى في الرّسوم خدشا للحياء، فإنّ الواقع الحقيقيّ أكثر صلفا وأنكى في قلّة الحياء.
ولعلّ مناسبة كمسابقة "دون كيشوت" بخوضها في مسألة تعدّ في أغلب المجتمعات من المحرّمات الّتي يجب سترها أو التّستّر عليها، ما يدفع إلى قرع صافرات الإنذار. والتّفكير في وضع حدّ لمثل هذه الممارسات. وذلك عن طريق كشف المسؤولين الحقيقيين عن هذه الجرائم في حقّ الطّفولة. سواء كانت دولا أو مؤسّسات دينيّة أو مدنيّة أو جمعيّات تتحرّك تحت غطاء إنسانيّ ومن لفّ لفّهم من دعاة أدعياء ظاهرهم محاربة الدّعارة ثقافيّا وهم في جوهرهم الدّعارة عينها. ومن ثمّة الدّعوة إلى شنّ حرب فعليّة على عصابات الاتّجار بالبشر مهما كانت أنواعهم ومشاربهم.
الدّكتور: فرج الغضّاب